الحمد لله    كما أن للوالدين حقاً على الأولاد ، فللأولاد حق على الوالدين .قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6 .وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ..) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) رواه مسلم (142) .من هنا : فإن للأولاد على الآباء حقوقاً لابد أن يراعوها ، وهذه الحقوق كثيرة منها :1- حسن اختيار الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، فالرجل يختار المرأة التي تصلح أما لأولاده في المستقبل ، والمرأة تختار الرجل الذي يصلح أباً لأولادها .2- حسن تسمية الولد ورعايته وتوفير احتياجاته الأساسية من الطعام والشراب والملبس والمسكن على حسب الطاقة والوسع بغير تقتير ولا إسراف .3- ومن أهم حقوق الأولاد على الآباء : حسن تربيتهم ورعايتهم في أخلاقهم وسلوكهم وأدائهم لأمور دينهم على الوجه الذي يرضي الله ، ومتابعتهم في أمور دنياهم بما يهيئ لهم المعيشة الصالحة الكريمة .وقد يقصر في هذا الحق كثير من الآباء ، فيجني نتيجة تقصيره ، وهو العقوق من أولاده ، والإساءة إليه .قال ابن القيم رحمه الله :"فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى : فقد أساء إليه غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء ، وإهمالهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ؛ فأضاعوهم صغاراً ....... إلى أن قال : "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد أهانه، ويرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده ، وفَوَّت على ولده حظه في الدنيا والآخرة ... إلى أن قال رحمه الله : وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء" انتهى من "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 229 ، 242) .وينبغي أن يعلم أن تقصير الأب والأم في تربية ولده لا يعني أن يقصر الولد في حقوق الوالدين ، ويسيء إليهما ، بل عليه أن يحسن إليهما ، ويعفو عن إساءتهما نحوه ، قال الله تعالى : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) وقال تعالى : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان/15 .
والله أعلم

 

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
عالم التكنولوجيا © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top